Friday, January 31, 2014

لليل لـون أبيض كذلك


التي تعيدك إلى الحياة، ما عليك إلا أن تشكرها على الـــــــومضة
وأنـــــــــــت فـــــي طــــريق الــــــعــــــــــــودة إلى القــــبـــــر مـــغتالا من جديد.
 

حين تَستيقظُ فجأةً
على حدَث رَقصة مُعْتمة
لعُصفورٍ في بُستان بدون أَغْصان
عُصفور زَائِر أَضاع الصّوْت
أمام جُمْهور بدون وجهة
آنذاك عُد العُدة لِرسم لوْحة ساحِرة.

البَارِحة كان الزمَن يُومِض
مثلما لم يَفْعَل من ذي قَبْل،
لم أنادك ولم أركُض خلفَك
لكنك أَتَيْتِ،
وأنا لا أَرْتَاد مقعَدي الْمُعْتاد
من أَجْلِ دَوْرٍ مُلْتَبس.

بِمَحْض الصُّدْفة
فُزْتُ في لُعْبَة لم أُتْقِنْها بعد،
مع أن هَزائِمي تَتَكَرر في الشَّطْرَنْج والمُصارَعة
وحِبال أرجوحَتي لا تتَحمّل رياحَك.
معك عِشْتُ لَحْظَة مَمْزوجة بِالأوهام والحقائق.
فِردوْس لم يُغلق بابَه مبكّراً

كما اللَّيْلُ يَئِنُّ بِجُنون،
النَّهار لا يَكُفُّ عن الصُّرَاخ
أُحاوِل اِسْتِرجاع الْمَشْهَد الْمُشَوَّش.
المشهد الذي قذف تَفْكِيري
وأزاحَني صَوْبَ بِرْكَة من الحَليب المذرَف
عند مُباغَتَة الضّوء.

أُريدُ تَذَوُّقَك باللّيل كما بالنّهار.
لِذَلِك أُناشِدُ مُخَيِّلَتي الخامِلة،
راضَخاً لوقْع الرّغبة المتكبِّرة.
هِستيريا السِّحر والحواجِز

مثل اِقْتِراب السُّلَحْفاة تَعود الصُّورة الْمُهَشَّمَة.
التَقِطُها بِيَدٍ من حَدِيد،
أحاوِل اللَّمْسَ بِحَنان،
ولا أدْري من يَتَحَمَّل من؟

بِغَرابَة اِندَفعَت وتَعَثَّرَت!
و”الحب عمليّة يدويّة،
تَحتاج إلى رصاص وبُندُقيّة وهدَف“
تقول فِئة من أبناء اللّيل الروحيّين.

لم أَعِش عِشْقاً كما افْتُرِض
كما تَمَنَّيْتُ عند عَتبة ذاك الرّبيع،
أثناء الوُلوج الْمُوارب
كم احْتجتُ إلى مُنْقِذ أو مُرشِد!
ولم يَأْتِ!؟
لذلك أنا لا أتقِن فنّ الغِناء الأبْيَض

مَنْظَر السَّرير مُعَشِّش أمام عَيْنَيّ؛
تاهَ الْحُبُّ في صدر فُلانَة
في ما تقدّم...
في ما تأخّر...
وهكذا دوالَيْك من صُوَّرَ الزَّيْف والزَّوال.

الضَّوْءُ الْمُنْبَعِث من إغوائك له مَذاق الفَراوِلَة.
كَعادَتِك العَنيفَة-
كنت تَضَعين أَحْمَر شِفاه مُهَيّج
تَرْتَدين صَدْرِيَّة تُبْرِز احمِرار الحَلَمَتَيْن،
وبَحْرُ جَسَدِكِ الخِصْب شَدَّني لِلسِّباحة.
سِروال الجينز الأزْرَق مَشْدود إلى الخَلْف
تارِكاً حُرِّيّة التَّصَرُّف للعيون المحَدِّقة
على التَّل مثل تاج ’كليوباترا‘ الْمُنْتَحِرة
شَعْرُكِ الْمُجعّد  غَطّى أجْزاءاً من كَتِفَيْك

نعم: كنت شارِداً، تائِهاً في اِزْدِحام الجَمال-
لكني لم أَنْتَظِرك حتى تَصْعَدين السَيَّارة
مثل كَنغَرُ قَفَزْتُ من مَضْجَعي
أطْلَقْتُ العِنان لِألْحان مَلْحَمِية،
تَناوَلْنا كأْسين من عَصير الأَفوكاتة بالثَّمْر
وتَرَجَّلْنا في طَريق مُمَهَّد بِرائِحَة الياسَمين والنّضيح.
لم نُبالِ لِطولِ المسافة ولا نُقْطة الوُصول.

أيْدٍ في كل البُؤر... ناعِمة وخشِنة،
أزَلْتُ الغِطاء عن كل رُكْنٍ من حَديقَتِك،
وسَلَّمْتُك صَحْرائي لِكَي تَزْرَعيها وروداً.

معي هكذا لَطالَما تَمَنَّيْتُك.
تَتَلاشى الثَّرْثَرة في نُور الصَّمْت.
لُعْبَة الأَجْساد... الدَّفْع والجَر، الصُّعود والهُبوط
كنا أطْفالاً نَتَعَلَّم المشْي القَويم
لكننا صِرْنا نَرْكُض بِتَشابُك وجُنون
في حَلَبَة ضَئيلة مُسْتَطيلة الشَّكْل،
حيث تتشنّج الأفكار وتقْشعرُّ الأجساد مع كل خُطوة

اجْتَرَرنا أحاديث الْمَقْهى والشّارِع،
أحاديث المراوَغة ثم الموْت.
بين أرْبَعة جُدران شاحِبة اللَّوْن،
وباب بُنّي يُوحِش بعدَ مُنْتَصَف الليْل
مَكاني: أنا عاهِلُه بدون كُرْسي ولا تاج
صار قَصْراً بِوفادَتِك
كنا معا بدون خدم.
أبْصَرْتُ الأَبْيَض يَتَدَفَّق مِن السَّقْف،
اِنْتَشَر في الأصْقاع والْتَهَمَني بِشَكْلٍ ما.
البارِحة عَبَرْنا الحُدود بدون تَأشيرة.
أنْسَتْنا القَهْقَهات في طَريقة الاِخْتِراق،
وفاكِهة آخِر اللَّيْل تقتُل قُدوم الفَجْر
مع كل هَمْسة.. لَمْسة.. قُبْلة..
تَزْداد النّار اشْتِعالاً،
نارٌ لا تُخْمَد أمام هُنيهات الضُّعف
(حُبّنا المَوْقوت)
سَقَطْنا في عاصِفة عاطِفِيّة جارِفة،
أخَذْتُ بِيَدِك إلى الْمَلاذ الحَميم
وقد طاوَعْتِني بكل سَذاجة.
كان لابُدّ من كَسْر الطّابوهات،
كأنَّنا طائِران من الشَّمال.

بِغَرابة اندَفَعَت وتَعَثَّرَتْ-
ولما أُنيرَتِ الطَّريق انتَهى السّير
ظَلَّت القِمّة تَنْتَظِرُنا،
تَنْشُد إِنْهاكَنا مِن أَجْل الْمُوَاكَبة
وإضافة أشْواط من التَّسَلُّق.
لم نَصِلْها مُرْغَمَيْن،
لم نَسْتَمْتِع بِنَسيم الصَّباح،
وهَوَيْنا مُتَباعِدَيْن.

إنها تَصْرُخ من شِدَّة أحْلام اليَقَظَة،
جُمجُمَتي التي اِمْتَلأت بصُور الأمْس،
متى سيُعاد ذلك الشَّريط؟

اِنْفَجَر الصُّراخ وفَقَدْتُ الملَاءة.
أصابني البَرْد والشُّعاع بالعَمى
فَتَحْتُ عَيْنَيّ ما بعد الظّهيرة،
وجَدْتُك قد رَحَلْتِ مُجَدَّداً،
بدون قُبْلة وَداع!؟
فقط كما أتَيْتي بِدون تَحِيّة!
أيتها الغَريبة والْمُنْدَفِعة والْمُتَعَثّرة




~شعر ~محمد قنور

No comments:

Post a Comment