Friday, January 31, 2014

الأسمر الساطع


404
ذلك عُش الغُراب الذي جَمعنا.
رنين مَلاعِق رَبْداء في صُحون بَيضاء
موسيقى.. موسيقى..
لأننا في السماء فلا أحد يَخطِف نَظرة عبر هذا الزُّجاج
وطيور الأعالي رَفيقتُنا بصمتها عن ثَبات الجُنون.
عبّر عن مَهارتك في إيجاد نغمة مُتَناسِقة مع الرّقصة الخَفية
فأبدا لن نصير كلمة قَبيحة على لِسان جار سُفلي

-رشيد الدليغي-
يا أسمر زاﮔورة! لم تَنقُش اسمك على النُّحاس
ولم أدخُل قصرك المشكّل من الطّين،
سُكِب الماء واختَلَطَت كل التّصاميم.
صَفّفْتَ ما تَبقّى من شَعرك المُتَجَعّد بدون اتجاه
ارتَدَيْت القميص الأسود ذا الخُطوط البيْضاء،
واكتَسَحتَ المَدينة الحمراء بِقلبِك الصّافي،
تاركاً مَوْطِئك وحيداً على الكُثْبان
حيث بَطّلَت الزَّوابِع النَّشاط وانحنت السُّعف دامعةً لوعة الرّحيل.

هذا يوم يُشبِه الخريف ولم نَقُل الوَداع لِلصيف بَعد،
شتنبر! كما يُذَكّرني بأوّل لِقاءٍ يَنهشُني بالاغتِيال.
لقد سَرَقوا منك الضّوء كما فَعلوا مع باقي الشُّموع
مُروِعةٌ هي المُباغَتة بعد الهُدوء
مروعة هي الأنفاس المشْدودة
مروعة هي الذّكرَيات والأهداف التي آلَت أوهاماً

اليد التي تُعانِق الحِبر حَملت الفَأس ولم تَحْطِب غُصناً.
بعض أيام الكَدح انتهت بشكل مُتقاعس
حمراءٌ وصَفراءٌ ثم لهبٌ بارِد.
آه! صَفَعَني الخَبر في ليْلة نامَ فيها اللُّصوص
هؤلاء الذين نَهَبوا بعضا من الحياة
تَرَكوا الكثير من الألغام والحيْرة.

حدّقتُ مُطوًّلا في شجرة النخل المُنْحَنية
كأنها تُظَلّلُ طابور جَنازة دائم العُبور قُرب السّاق.
لم تُسْعفني المِئات من الكيلومترات لقاءً آخراً:
تحمل جَريدَتك المَسائية صوب العُش الأعزَل
تُمَدد أجْنِحتك على المَضْجَع الخشِن
وتَدّعي واثقاً: ”ضَوء القمَر سَيُعَوّضُنا على ما اختُلِس
ولو دامت ليالي الغيْم“
هكذا تَبادَلْتَ الابتِسامة مع جَرائم الصّباح
التي حجَبت ضَوء شمس اليوم القادِم بِدون حَياء.

أمام الباب مرّت الحياة مُندفِعة
رَقصَت سمراء على رِجل واحِدة
طَقَطقات فلامينغو الغضب هادِئة
على كل رَصيف كان الكَمان مُنتَصِبا بِجانِبك.
ارتطم اللحْن بِجُدران الأزِقة الفارِغة والأبواب الموصَدة
إلى أن اختَفَت مُحدِثةً عَويلا لم أسمَعْه بأذنيّ

العَويل في أوراقي التي عَبَرَتْها نَظْرتُك الوَديعة 
العويل في فكري الذي قاسَمَك كل الهَواجِس
العويل الذي تَرَكتَ يا رَفيقي؛
يَدفَعُني إلى فَتْح ألبوم صُورك مُجَدّداً
وأستعيدُ مِزاج الليل والمُتنزّه الذي يَمْلَؤه البوم.
لقد كنت حالماً وكانت المُؤامَرات تُبرَم في الخَفاء

جوالاً وهائماً في الغُرفة كما في الصّحراء.
هكذا عَرفتُك يا رَجُل الجغرافية،
الذي لم يُسْعِفه القلَم
لِرسْم خَريطة أحلامه المَسْلوبة



~شعر ~محمد قنور

No comments:

Post a Comment